الاثنين، 16 مايو 2011

قارن بين العلوم الانسانية والمعيارية


قارن بين العلوم الإنسانية والعلوم المعيارية
طرح المشكلة :
       احتمال وجود تشابه بين طرفين مختلفين:
       إذا كان العلم هو منظومة من المعرف التي يعتمد تحصيلها على المنهج العملي دون سواه ؛ فإنه أنواع وأصنافه ، ولعل أبرز أصنافه نجد العلوم الإنسانية والمعيارية ، فما أوجه الاختلاف بينهما ؟
محاولة حل المشكلة :
 أوجه الاختلاف :
       للوهلة الأولى يظهر الاختلاف جليا بين العلوم الإنسانية ، والعلوم المعيارية  (من حيث الاهتمام) ؛ حيث تهتم العلوم الإنسانية بالإنسان من حيث كونه ظاهرة معنوية ، أو كما يقول (جميل صليبا) : " العلوم الإنسانية : يطلق هذا الاصطلاح على العلوم المسماة معنوية ، وهي التي تبحث في أحول الناس ، وسلوكهم أفرادا كانوا أو جماعات " ، ومن هنا كانت  العلوم الإنسانية علوما تدرس الفرد البشري من حيث كونه كائن يتألم  ويأمل ،يتكلم ويرغب ، يهوى ويكره ، يفرح ويحزن     وهو السلوك الذي نجده من اهتمامات "علم النفس" ، كما انه فرد لا يستطيع أن يعيش بمعزل عن المجتمع ، أو كما يقول الفيلسوف اليوناني (أرسطو) : " الإنسان مدني بالطبع " ، وهو في هذا المجتمع يؤثر ويتأثر فيصدر سلوكات من اهتمامات "علم الاجتماع" ، كما انه يترك وراءه حوادث من مهمة "علم التاريخ"في استرجاعها ، واعتبارا لهذا أكد الدارسون                      والمختصون آن هذه العلوم تهتم بما هو واقع ، وما هو كائن ، إذ تدرس الوضع النفسي ، التاريخي ، والوضع الاجتماعي  بينما العلوم المعيارية فسميت كذلك لأنها تحدد معايير السلوكات ، والأعمال ، وتهتم بالقيم                                             قال (جميل صليبا) : " إن العلوم المعيارية هي العلوم المؤلفة من أحكام إنشائية ، أي أحكام قيم أو تقويم خاضعة للنقد "   واعتبارا لذلك ارتبطت بما ينبغي أن يكون   وهو الأمر الذي جعل أصحاب الاختصاص يقولون : " أنها تحمل الأماني "   والأماني ليست حالية بل هي مستقبلية   واضرب مثلا على ذلك : "علم المنطق" الذي معياره الحق ، إذ يبحث فيما ينبغي  أن يكون عليه التفكير السليم ، و"علم الأخلاق" معياره الخير والشر محدد لقواعد السلوك البشري ، و"علم الجمال"  معياره الحسن والقبح ، واضعا المعايير التي تجعل العمل الفني مقبولا ،وفي إطار هذا العلم الأخير يقول (جون ديوي) :                        "   علم الجمال : هو التذوق للعلم الفني "  ، وهكذا نقول باختصار : " إذا كانت العلوم الانسانية تهتم بما هو كائن ، فإن العلوم المعيارية تهتم بما ينبغي ان يكون " .
أوجه التشابه :
       إن هذا الاختلاف الحاصل بينهما لا يمنع من وجود تشابه ولو بقليل بينهما ، خاصة إذا قلنا آن هذين العلمين  من منظومات المعارف الإنسانية ، إذ أنهما من حقول المعرفة التي يجد فيهما الإنسان فضوله المعرفي المتكون كواحد   من أهداف الحياة الفكرية ، ومن هذا كانا تفكيرين  بشريين هادفين ، خاصة على مستوى دراسة السلوك الفردي  والجماعي بجميع أنواعه وفوق ذلك كله نقول نوعان من المعارف البشرية نوعان من العلوم، التي وجدت على مستوى سطح تاريخ العلم .
طبيعة العلاقة بينهما :
    إن المنظومة العلمية منظومة متناسقة مترابطة ، إذ أن كل علم يحتاج إلى آخر ولو على طريق طويل ، ومن أجزاء هذه المنظومة نجد هذين العلمين ، فقد تحتاج العلوم الإنسانية لمجموعة القيم التي تعدل سلوك الانسان على مختلف المستويات   نفسيا واجتماعيا ، في حين تحتاج العلوم المعيارية إلى خبرة بالسلوك الإنساني الفردي والجماعي الذي لن تجده غلا عند العلوم الإنسانية.
إذن تبعا لذلك تكون العلاقة علاقة تكامل 

الاستاذ : سفيان عمران 

الأحد، 15 مايو 2011


المستوى : 3آداب وفلسفة                                                  
التاريخ


النشاط : تطبيقات
الموضوع : مراجعة
                   مقالة : استقصاء بالوضع 
السؤال :
        قال أحد المفكرين :
" الرأسمالية تحمل بين طياتها بذور فنائها ، كونها أوجدت طبقتين الواحدة تستغل الأخرى "
المرحلة
المحتوى
طرح المشكلة
      
           تعتبر الرأسمالية منذ ظهورها من الأنظمة الأكثر نجاحا في العالم على مختلف المستويات ،خاصة المستوى الاقتصادي ، لذلك ومنذ ظهور الثورة الصناعية شاع بين الفلاسفة على أن الرأسمالية ذاع صيتها بقوة إلى درجة يكاد النظام العدو(الاشتراكية)  لا يعني شيئا أمام هذا الذيوع وبالتالي كانت من الأنظمة الصالحة لتسيير شؤون الثروة ، لكن على النقيض من ذلك يعتقد  الاشتراكيون أنه مذهب سلبياته أكثر من ايجابياته ، وليس أدل من شئ على ذلك سوى أنه خلق الاستغلال من خلال طبقتي الملاك ، والعمال  وهذا الطرح يبدو غير سليم فكيف السبيل إلى الدفاع عنه  ؟.


محاولة حل المشكلة
عرض منطق الأطروحة
     
      
       إن منطق الأطروحة يدور حول النظام الاقتصادي الرأسمالي؛ إذ يذهب بعض المفكرين وخاصة الاشتراكيون منهم إلى القول: أن تطبيق نظام من نوع النظام الرأسمالي أدى إلى ظهور نتائج سلبية وأهمها ظهور التفاوت الطبقي (الاجتماعي)؛ حيث نجد طبقتين طبقة الرأسماليين الثرية المالكة لوسائل الإنتاج ورؤوس الأموال المسيرة للعمل تشكل الأقلية، وطبقة عمالية كادحة خاضعة منتجة تشكل الأكثرية، ومنه في النهاية غياب المساواة بين الناس، ولننظر في هذه الإحصائيات ، ففي تقرير للأمم المتحدة أن358 شخص من كبار أثرياء في العالم يساوي مصادر ثروتهم النقدية حجم المصادر التي يعيش منها ملياران وثلاثمائة مليون شخص من فقراء العالم ، وبعبارة أخرى إن 20 بالمائة من كبار أغنياء العالم يقسمون فيما بينهم 80بالمئة من الإنتاج الداخلي الخام على الصعيد العالمي .
وهذا ما يؤدي إلى الفوضى الاجتماعية، وطبقا لهذا المظهر برزت إلى السطح ظاهرة غريبة وخطيرة، والتي يصطلح عليها في قاموس الفكر الاقتصادي اسم "الاستلاب"، وبعبارة أكثر وضوحا الاستغلال الذي يعاني منه المجتمع الرأسمالي والمولد للمتناقضات يقف على رأسها ما يلي: المالك الرأسمالي يشتري من العامل قوة عمله؛ فالعامل هو مصدر فائض القيمة حيث يخلق القيم التبادلية كلها، ويضطر إلى التنازل عن جزء منها للرأسمالي، مما يودي إلى خلق صراع بين الطبقة المالكة والطبقة العاملة.




نقد خصوم الأطروحة
       إن لهذا لأطروحة خصوم ، وهم أنصار الرأسمالية الذين يعتقدون انه نظام استطاع          ان يحقق التقدم ، والتطور الملحة تقول أن إيجابيات هذا النظام قد غطت سلبياته، فالملكية الخاصة لوسائل الإنتاج تزيد من حجم الإنتاج، وبالتالي زيادة الصادرات مع إعطاء الحرية للأفراد وبالتالي  تخلق فيهم النشاط وتقضي على الخمول والكسل الذين تعهد تهما الاشتراكية بالحفظ، وهذه الحرية لا تزيد من حجم الإنتاج فحسب، بل توسع السوق وتجعلها عالمية، وهو ما ترجمه (آدم سميث) بقوله: "دعه يعمل اتركه يمر"، وأبرز ما يحيل المفكرين الدارسين لهذا النظام إلى القول أنه نظام تقدمي هو عدم تدخل الدولة في تسيير الشؤون الاقتصادية بما في ذلك تحديدها للأسعار والإنتاج والأجور وبالتالي لا تعيق النشاط الاقتصادي.
        ان النظام الرأسمالي ساعد الدول المنتهجة له على تحقيق التقدم  ؛ واضرب مثلا في ذلك أن الدول المسيطرة على الحركة الاقتصادية العالمية ، من خلا ل الشركات متعددة الجنسيات كلها تتبع هذا النظام ، خاصة إذا تحدثنا عن الدول الخمسة العظمى  وهي الو- م- ا ، اليابان ، فرنسا ، بريطانيا ـ ألمانيا .
      لكن ما جاء به هؤلاء ينطوي على نقائص ذلك ان :

        هذا النظام أكثر من كونه حقق التنمية الاقتصادية ، فإنه زاد من حدة الفقر ، واستغلال الشعوب التي لا تملك القوة لمواجهة تحديات السوق.
 


تدعيم الأطروحة بحجج شخصية


      ان النظام الرأسمالي نظام استغلالي ، وليس من العدل ان يعيش العالم على وقع الملكية الفردية لوسائل الإنتاج ، ما اضطر المفكرين إلى القول أن الحرية التي نادت بها الرأسمالية مجردة من كل القيم الخلقية والروحية، فهي لا تعترف بضرورة القيم لضمان مصلحة المجتمع، لأن الذي يهمها هو الحاجة إلى المال وزيادة فائض القيمة، مما أدى إلى تدخل الرأسماليين في تسيير الشؤون السياسيةّ، وهذا ما ساعد على ظهور حروب وصراعات تساعدهم على تسويق إنتاجهم، قيل: "إن الرأسمالية تحمل في طياتها بذور الحروب كما يحمل السحاب المطر"، وفي النهاية يمكن القول أن الرأسمالية تقتل نفسها بنفسها؛ حين تخلق الصراع بين المالك والعامل ، فالسبيل إلى تحقيق رفاهية الشعوب اقتصاديا                هو العودة إلى النظام الاشتراكي .


حل المشكلة
      إن الأطروحة القائلة :
" الراسمالية تحمل بين طياتها بذور فنائها"
          أطروحة صحيحة وأمكننا الدفاع عنها ، ذلك أن الرأسمالية نظام استغلالي .
  الاستاذ : سفيان عمران 

الاثنين، 2 مايو 2011

مقالة حــــــــــول الفرض العلمي

طريقة التحليل : جدلية
طرح المشكلة :
             احتمال وجود رأيين جدليين متناقضين
      إن الغرض من التفكير العلمي هو  الوصول إلى القوانين التي تتحكم في الظواهر ،  وهو الهدف الذي يحتاج  منهجا استقرائيا أو تجريبيا مستندا إلـــى خطوات ثلاث: هي الملاحظة والفرضية و التجربة ؛ اما بالنسبة للفرضية فإنها :  "تفسير مؤقت وتيسير غير مؤكد وتكهن مبدئي لتفسير الظاهرة المدروسة  ، وقد اختلف العلماء في أهمية وقيمة الفرض العلمي ،فمن مؤكد لأهمية الفرض، مع صعوبة كبيرة للاستغناء عنه ، إلى رافض للحديث عن أهمية الفرض ، وبالتالي لا بد من الاستغناء عنه ، وفي ظل هذا التناقض يظهر السؤال التالي :
                    هل يمكن استبعاد الفرض من المنهج العلمي ؟
 محاولة حل المشكلة :
الأطروحة الأولى :
      يرى بعض العلماء ـــــــــ التجريبيون خاصةـــــــــ :  أنه لابد من استبعاد الفرض العلمي باعتباره فكرة تقوم على التكهن والظن   و العلم أسمى من ذلك لذا كان العالم المشهور (إسحاق نيوتن) يقول دائما للبشرية :" أنـــا لا افترض بل أجرب"   كما أن الفرض يقوم على الخيال ، ولا يقوم على التجربة الحسية لذا كان (ماجندي) يقول : *** لــــــــ (كلود برنارد):   "أترك عباءتك وخيالك عند باب المخبر" ، ولهذا أكد أن : الملاحظة الجيدة أفضل من كل أفكار العالم وفرضياته ،فالعقل ليس له أي دور فعال في البناء العلمي ، يقول ": إن الملاحظة الجيدة تغنينا عن سائر الفروض ، ويستطيع العالم أن ينتقل مباشرة من الملاحظة والتجربة إلـــى القانون دون الحاجة إلــــى وضع الفروض" ، لهذا فإن الفرض يقيد الملاحظة   ويصبح العالم أسيرا له ، يقـــــول (آلان): " إننا لا نلاحظ إلا ما افترضناه"  .  
 ولعل ابرز هؤلاء جميعا  : الفيلسوف الإنجليزي (جون ستيوارت مل) الذي يقول فيها :   " إن الفرضية قفزة  في المجهول وطريق نحو التخمين ، ولهذا يجب علينا أن نتجاوز هذا العائق وننتقل مباشرة    من الملاحظة إلى التجربة "  ، وقد وضع من أجل ذلك قواعد سماها بقواعد الاستقراء متمثلة في :   قاعدة الاتفاق أو التلازم في الحضور ، قاعدة الاختلاف أو التلازم في الغياب ، قاعدة البواقي ، قاعدة التلازم في التغير أو التغير النسبي   وهذه القواعد حسب ( مل ) تغني البحث العلمي عن الفروض العلمية .
 ومنه فالفرضية حسب النزعة التجريبية تبعد المسار العلمي عن منهجه الدقيق لاعتمادها على الخيال والتخمين المعرض للشك في النتائج .
  مناقشة:
        ينكر التجربيون مبادرة العقل في إنشاء المعرفة العلمية وفق حجج معينة؛ لكن الكشف العلمي يرجع إلى تأثير العقل واحتياجاته يقول (هنري بوانكريه) :"إن الحوادث تتقدم  إلى الفكر دون رابطة إلى أن يجئ الفكر المبدع فيربطها، فكما كومة الحجارة ليست بيتا كذلك اجتماع الحقائق بدون ترتيب ليست علما فالجواهر موجودة ولكن تشكل عقدا ".                               مالــــــم يجيء احدهم بخيط.
الأطروحة الثانية :
       ذهب أنصار (الاتجاه العقلي) إلى أن الفرضية كفكرة تسبق التجربة ، أمر ضروري في البحث التجريبي ومن ثم لا يمكن إهمالها ، ومن المناصرين للفرضية كخطوة تمهيدية في المنهج التجريبي الفيلسوف الفرنسي (كلود برنارد)   فهو يقول  :" ينبغي بالضـــــرورة أن نقوم بالتجريب مع الفكرة المتكونة من قبل"  ويقول في موضع أخر  : " الفكرة هي مبدأ كل برهنة وكل اختراع و إليها ترجع كل مبادرة  وبالتالي نجد (كلود برنارد) يعتبر الفرض العلمي خطوة من الخطوات الهامة في المنهج التجريبي، الذي يجمله في ثلاث خطوات أساسية من قوله :"     إن الحادث يوحي بالفكرة ، والفكرة تقود إلى التجربة وتحكمها ، والتجربة تحكم بدورها على الفكرة "     أما المسلمة المعتمدة في هذه الأطروحة هو أن : الإنسان يميل بطبعه إلى التفسير و التساؤل كلما شاهد ظاهرة غير عادية   وهو في هذا الصدد يقدم أحسن مثال يؤكد فيه عن قيمة الفرضية و ذلك في حديثه عن العالم التجريبي ( فرانسوا هوبير)   وهو يقول أن هذا العالم العظيم على الرغم من أنه كان أعمى فإنه ترك لنا تجارب رائعة كان يتصورها ثم يطلب من خادمه أن يجربها  ، ولم تكن عند خادمه هذا أي فكرة علمية ، فكان (هوبير) العقل الموجه الذي يقيم التجربة لكنه كان مضطرا  إلى استعارة حواس غيره وكان الخادم يمثل الحواس السلبية التي تطبع العقل، لتحقيق التجربة المقامة من أجل فكرة مسبقة . و بهذا المثال نكون قد أعطينا أكبر دليل على وجوب الفرضية وهي حجة منطقية تبين لنا أنه لا يمكن أن نتصور في تفسير الظواهر عدم وجود أفكار مسبقة و التي سنتأكد على صحتها أو خطئها بعد القيام بالتجربة .
وبالتالي الفرض العلمي هو المنطلق الضروري لكل استدلال تجريبي ،فلولا الفروض لما استطاع العالم ان يجرب      الملاحظة توحي بالفكرة والفكرة تقود يد المجرب ولاتكفي ما تعطيه الملاحظة من امورحسية ولكن لابد من تدخل العقل   يقول (ابن الهيثم) " اني لا اصل الى الحق الا من اراء تكون عناصرها امور حسية وصورتها عقلية".

                                    الاستاذ: سفيان عمران