الاثنين، 2 مايو 2011

مقالة حــــــــــول الفرض العلمي

طريقة التحليل : جدلية
طرح المشكلة :
             احتمال وجود رأيين جدليين متناقضين
      إن الغرض من التفكير العلمي هو  الوصول إلى القوانين التي تتحكم في الظواهر ،  وهو الهدف الذي يحتاج  منهجا استقرائيا أو تجريبيا مستندا إلـــى خطوات ثلاث: هي الملاحظة والفرضية و التجربة ؛ اما بالنسبة للفرضية فإنها :  "تفسير مؤقت وتيسير غير مؤكد وتكهن مبدئي لتفسير الظاهرة المدروسة  ، وقد اختلف العلماء في أهمية وقيمة الفرض العلمي ،فمن مؤكد لأهمية الفرض، مع صعوبة كبيرة للاستغناء عنه ، إلى رافض للحديث عن أهمية الفرض ، وبالتالي لا بد من الاستغناء عنه ، وفي ظل هذا التناقض يظهر السؤال التالي :
                    هل يمكن استبعاد الفرض من المنهج العلمي ؟
 محاولة حل المشكلة :
الأطروحة الأولى :
      يرى بعض العلماء ـــــــــ التجريبيون خاصةـــــــــ :  أنه لابد من استبعاد الفرض العلمي باعتباره فكرة تقوم على التكهن والظن   و العلم أسمى من ذلك لذا كان العالم المشهور (إسحاق نيوتن) يقول دائما للبشرية :" أنـــا لا افترض بل أجرب"   كما أن الفرض يقوم على الخيال ، ولا يقوم على التجربة الحسية لذا كان (ماجندي) يقول : *** لــــــــ (كلود برنارد):   "أترك عباءتك وخيالك عند باب المخبر" ، ولهذا أكد أن : الملاحظة الجيدة أفضل من كل أفكار العالم وفرضياته ،فالعقل ليس له أي دور فعال في البناء العلمي ، يقول ": إن الملاحظة الجيدة تغنينا عن سائر الفروض ، ويستطيع العالم أن ينتقل مباشرة من الملاحظة والتجربة إلـــى القانون دون الحاجة إلــــى وضع الفروض" ، لهذا فإن الفرض يقيد الملاحظة   ويصبح العالم أسيرا له ، يقـــــول (آلان): " إننا لا نلاحظ إلا ما افترضناه"  .  
 ولعل ابرز هؤلاء جميعا  : الفيلسوف الإنجليزي (جون ستيوارت مل) الذي يقول فيها :   " إن الفرضية قفزة  في المجهول وطريق نحو التخمين ، ولهذا يجب علينا أن نتجاوز هذا العائق وننتقل مباشرة    من الملاحظة إلى التجربة "  ، وقد وضع من أجل ذلك قواعد سماها بقواعد الاستقراء متمثلة في :   قاعدة الاتفاق أو التلازم في الحضور ، قاعدة الاختلاف أو التلازم في الغياب ، قاعدة البواقي ، قاعدة التلازم في التغير أو التغير النسبي   وهذه القواعد حسب ( مل ) تغني البحث العلمي عن الفروض العلمية .
 ومنه فالفرضية حسب النزعة التجريبية تبعد المسار العلمي عن منهجه الدقيق لاعتمادها على الخيال والتخمين المعرض للشك في النتائج .
  مناقشة:
        ينكر التجربيون مبادرة العقل في إنشاء المعرفة العلمية وفق حجج معينة؛ لكن الكشف العلمي يرجع إلى تأثير العقل واحتياجاته يقول (هنري بوانكريه) :"إن الحوادث تتقدم  إلى الفكر دون رابطة إلى أن يجئ الفكر المبدع فيربطها، فكما كومة الحجارة ليست بيتا كذلك اجتماع الحقائق بدون ترتيب ليست علما فالجواهر موجودة ولكن تشكل عقدا ".                               مالــــــم يجيء احدهم بخيط.
الأطروحة الثانية :
       ذهب أنصار (الاتجاه العقلي) إلى أن الفرضية كفكرة تسبق التجربة ، أمر ضروري في البحث التجريبي ومن ثم لا يمكن إهمالها ، ومن المناصرين للفرضية كخطوة تمهيدية في المنهج التجريبي الفيلسوف الفرنسي (كلود برنارد)   فهو يقول  :" ينبغي بالضـــــرورة أن نقوم بالتجريب مع الفكرة المتكونة من قبل"  ويقول في موضع أخر  : " الفكرة هي مبدأ كل برهنة وكل اختراع و إليها ترجع كل مبادرة  وبالتالي نجد (كلود برنارد) يعتبر الفرض العلمي خطوة من الخطوات الهامة في المنهج التجريبي، الذي يجمله في ثلاث خطوات أساسية من قوله :"     إن الحادث يوحي بالفكرة ، والفكرة تقود إلى التجربة وتحكمها ، والتجربة تحكم بدورها على الفكرة "     أما المسلمة المعتمدة في هذه الأطروحة هو أن : الإنسان يميل بطبعه إلى التفسير و التساؤل كلما شاهد ظاهرة غير عادية   وهو في هذا الصدد يقدم أحسن مثال يؤكد فيه عن قيمة الفرضية و ذلك في حديثه عن العالم التجريبي ( فرانسوا هوبير)   وهو يقول أن هذا العالم العظيم على الرغم من أنه كان أعمى فإنه ترك لنا تجارب رائعة كان يتصورها ثم يطلب من خادمه أن يجربها  ، ولم تكن عند خادمه هذا أي فكرة علمية ، فكان (هوبير) العقل الموجه الذي يقيم التجربة لكنه كان مضطرا  إلى استعارة حواس غيره وكان الخادم يمثل الحواس السلبية التي تطبع العقل، لتحقيق التجربة المقامة من أجل فكرة مسبقة . و بهذا المثال نكون قد أعطينا أكبر دليل على وجوب الفرضية وهي حجة منطقية تبين لنا أنه لا يمكن أن نتصور في تفسير الظواهر عدم وجود أفكار مسبقة و التي سنتأكد على صحتها أو خطئها بعد القيام بالتجربة .
وبالتالي الفرض العلمي هو المنطلق الضروري لكل استدلال تجريبي ،فلولا الفروض لما استطاع العالم ان يجرب      الملاحظة توحي بالفكرة والفكرة تقود يد المجرب ولاتكفي ما تعطيه الملاحظة من امورحسية ولكن لابد من تدخل العقل   يقول (ابن الهيثم) " اني لا اصل الى الحق الا من اراء تكون عناصرها امور حسية وصورتها عقلية".

                                    الاستاذ: سفيان عمران 

هناك 3 تعليقات:

  1. تحتاج إلى بعض التوسيع على ما أظن! و شكرا على المجهود المبذول

    ردحذف
  2. تحتاج إلى بعض التوسيع على ما أظن! و شكرا على المجهود المبذول

    ردحذف